تُعرف مراحل النمو النفسي الاجتماعي كما عبر عنها إيريك إريكسون بالتعاون مع جون إريكسون في النصف الثاني من القرن العشرين أنها نظرية تحليل نفسي شامل تحدد سلسلة مؤلفة من ثمان مراحل يجب على الفرد الذي يتطور بشكل سليم أن يمر بها من مرحلة الرضاعة حتى سن اليفع.


نبذة مختصرة عن النظرية

تعريف النمو النفسي الاجتماعي

عرفه أريكسون بأنه عملية تطورية تعتمد على أحداث ذات تتابع ثابت في المجال البيولوجي والنفسي والاجتماعي.

وعرفه ماير بأنه عملية علاجية تلقائية لشفاء الآثار الناجمة عن الأزمات الطبيعية والمرضية الكامنة في النمو

نظرية النمو النفسي الاجتماعي

أثبتت الدراسات أهمية إحساس الطفل بالأمان في علاقاته مع المحيطين به خاصة الأم الحاضنة له، لأن الطفل الأكثر أمانا في علاقته بالحاضن يكون أكثر كفاءة من الناحيتين الانفعالية والاجتماعية. وبفضل هذه الكفاءة والنضج يستطيع أن يدخل كطرف إيجابي في أي تفاعل اجتماعي مع الآخرين وأثبتت الكثير من الدراسات كذلك أهمية النمو النفسي الاجتماعي .

ومن أهم العلماء الذين تناولوا النمو النفسي الاجتماعي إريك إريكسون الذي تحدث عن ثمان مراحل للتطور والنمو، وذلك من خلال علاقة الفرد ورغباته بالثقافة، وتتحدد كل مرحلة منها بما يطلق عليه الأزمة وأساس هذه الأزمة ما يحدث من تغيرات فسيولوجية وسيكولوجية وثقافية، تسبب مشاكل لابد من حلها في كل مرحلة كشرط للانتقال للمرحلة اللاحقة، هذا رغم قوله بأن بعض أوجه المشاكل قد تنتقل إلى مراحل لاحقة، وعندما ينجح الإنسان في حل هذه المشكلات يتوصل إلى نوع من التوازن النفسي وينتقل إلى المراحل التي تليها.

العلاقة بين فكر إريك إريكسون ونظريات التحليل

 حافظ إريك إريكسون على كثير من أساسيات التحليل النفسي عند فرويد، ومنها بناء الشخصية، وأهمية الخبرات اللاشعورية، وأهمية خبرات الطفولة، وأهمية الجنس والعدوان، وصلاحية مراحل النمو النفس-جنسي بصفة غير مطلقة ولكن كواحدة من الأساسيات لتفسير النمو، ذلك لأنه يرى أن العوامل البيولوجية واحد من الجوانب المؤثرة على النمو، إلا أنه لم يقف عندها.

ولم يقبل إريك إريكسون مبدأ “فرويد” المتضمن أن النمو يكتمل بعد الخمس سنوات الأولى بشكل أساسي لأن النمو عنده عملية طويلة المدى، ونظرية إريكسون بخلاف نظرية فرويد فهي تتضمن عناصر الرؤية الموقفية للعالم، حيث أنه ينظر للطفل على أنه كائن متغير يعيش في عالم متغير في ظل نظام من المواقف الثقافية التي ترجع إلى عملية التنشئة الاجتماعية للأطفال، وتساهم في حل المشاكل التي تواجهه في كل مرحلة وتؤثر فيها. ويتفق مع فرويد في أن الطبيعة تحدد سلسلة المراحل وتضع الحدود التي تحكم عملية التنشئة مثال الوراثة تؤكد حدوث أزمة معينة والبيئة تحدد طريقة حلها

و اختلف عن فرويد في تركيزه على أهمية الثقافة في بناء الشخصية، وكذلك اختلف معه في نقطة جوهرية تتعلق بدوافع السلوك الإنساني فهي من وجهة نظر فرويد متمثلة في الغرائز البيولوجية مثل غريزة الحياة وغريزة العدوان لكن من وجهة نظر إريكسون فهي تتمثل في التفاعلات الاجتماعية المتبادلة للإنسان في عالم الخبرة الاجتماعية.

سيكولوجية الأنا

  • تأثر بأفكار فرويد كغيره، إلا أنه اهتم بنمو الأنا وتمكن من تحويل التحليل النفسي من سيكولوجية ألهو إلى سيكولوجية الأنا.
  • يعتبر اتجاهه تتمة لما بدأه علماء نفس الأنا، حيث تمكن من بناء نظرية أكثر تكاملا واتساقا. فنمو الأنا بفاعليته  هو أساس نظريته رغم عدم إهماله لعوامل بناء الشخصية الأخرى.
  • الأنا لديه فاعل له وظائفه التكيفية، ويستمر في النمو مدى الحياة.

نمو الأنا من خلال أزمات النمو

  • تعني الأزمة بصفة عامة وجود مشكلة، إلا أنها تعبر في نظرية إريكسون عن الضغوط المعتدلة المرتبطة بحاجات النمو أكثر من أن تكون أحداث متطرفة أو أزمات مستعصية على الحل، وهي مرتبطة بحاجات الفرد البيولوجية ومستوى نضجه من جانب والمتطلبات الاجتماعية المتوقعة منه (ممن هم في سنه أو مستوى نضجه) من جانب آخر، وأيضا محاولات الفرد النفسية للتكيف مع المتطلبات الجديدة للحياة الاجتماعية في مراحل النمو المختلفة.
  • الانتقال إلى مرحلة موالية يتطلب حل الأزمات السابقة ويعني ظهور أزمة جديدة مرتبطة بمستوى نضجه و بالمتطلبات والتوقعات الاجتماعية المناسبة.
  • عند ظهور الحاجة يستشعر الفرد نوعا من الضغط الذي يعمل على دفع الفرد لحل الأزمة عن طريق استخدام مهاراته الجديدة.  

من هو اريكسون

  • ولد عام 1902 بالقرب من مدينة فرانكفورت بألمانيا
  • وقد ابتعد عن التعليم النظامي بسبب رغبته الشديدة في أن يصبح فنانا
  • كان يعتقد أنه مرفوض من أقرانه لأنه كان يشبه سكان شمال أوربا ولأنه كان يهوديا وكان يعامل من اليهود على أنه غير يهودي لذا فقد أصبحت أزمة الهوية الهم الشاغل له في حياته وفي نظريته
  • لم ينهي دراسته وقضى فترة من حياته في التجول في البلدان الأوروبية لتعلم الرسم. ويعتبر ذلك مؤشرا لشعوره بالاغتراب واضطراب الهوية.
  • تسنى له التعرف على “أنا فرويد Anna Freud ” التي انتدبته لتدريس الفن للأطفال الأمريكيين القادمين إلى فيينا لدراسة منهج فرويد 1927 فتعلم الكثير عن التحليل النفسي من تلاميذ فرويد
  • رحل إلى الولايات المتحدة ليشتغل معالجا نفسيا للأطفال وقام بالتدريس في أعرق الجامعات وتولى عدة مناصب في مؤسسات علاجية كبيرة رغم أنه لم يحصل على أي درجة جامعية وقام بعدد من البحوث التي أثمرت عن نظريته في التحليل النفسي
  • توفي عام 1994 عن عمر يناهز الواحد وتسعين سنة

حياته العلمية:

  • قام بدراسة مشاكل المعارك لدى الجنود الأمريكيين في الحرب العالمية الثانية
  • درس اللعب عند الأطفال الطبيعيين والمضطربين
  • قام بحوارات مع المراهقين المضطربين الذين يعانون من مشكلات تتعلق بالشخصية
  • درس السلوك الاجتماعي في الهند
  • كتب عن هذه البحوث في إصداراته وهي مثل“الطفولة المعروفة والمجتمع ” و “الشخصية :الشباب والأزمات 
  • كتب عن بعض الموضوعات الهامة مثل الفجوة بين الأجيال والتعصبات العرقية ونزعة الصبيان إلى الجنوح وتغيير الأدوار الجنسية.
  • ساهم أريكسون في ثلاث طرق لدراسة النمووالتي هي الملاحظة المباشرة، ومقارنة الثقافات، ومنهج الإحياء النفسي           

في المقالة القادمة سوف نتناول مراحل التطور عند الانسان حسب العمر ابتداء من 0